المنارة 7 || أشهر الفلاسفة المسلمين

فلاسفة مسلمين

أشهر الفلاسفة المسلمين 

 غير الفلاسفة المسلمون العالم بكل العلم الذي قدموه على طبق من ذهب، لكن هؤلاء هم أشهر الفلاسفة المسلمين:


معنى الفلسفة

قبل أن أتحدث لكم عن الفلاسفة المسلمين، سأحدثكم عن الفلسفة نفسها قليلا.

الفلسفة موجودة منذ قديم الأزلولكن قبل أن نتحدث عن الفلسفة وأهم رموزها يجب أن نعلم ماذا تعني الفلسفة؟  

الفلسفة لغويا منقسمه لقسمين وهم فيلو وتعني حب والقسم الثاني هو سوفيا وتعني الحكمة. وعندما نمزجهم نجد أن الفلسفة لغويا تعني حب الحكمة. ولكن دوما ما كان يتبادر للأذهان سؤال عن هوية من أطلق على الفلسفة هذا الاسم؟ الذي في رأيي معبر جدا عن مكنونه.

ولكن ليس هناك جواب قاطع على هذا السؤال فيوجد أكثر من تيار بهذا الصدد، ومن أشهر هذه التيارات هو التيار الذي يعتقد أن فيثاغورث هو من وضع هذا الاسم وقام بإطلاقه علي نفسه، وهناك تيار ثاني يعتقد أن الأول كان أفلاطون ولكنه كان أكثر اتساما بتواضع الفلاسفة من فيثاغورث وقام بإطلاقه أولا علي فلاسفة آخرين أمثال سقراط، والتيار الثالث وهذا هو الأكثر ترجيحا وإستحسانا لدى المؤرخين هو سقراط. 

وقد نقل مؤرخو الفلسفة أن السبب في اختيار هذا الاسم شيئان: أحدهما: تواضع سقراط حيث كان يعترف دائماً بجهله، والثاني: تعريضه بالسفسطائيين الذين كانوا يعدُّون أنفسهم حكماء؛ أي إنه باختيار هذا اللقب أراد أن يوحي لهم بأنكم لستم أهلاً لهذا الاسم «الحكيم»؛ لأنكم تستخدمون التعليم والتعلم لأهداف مادية وسياسية، وحتى أنا الذي استطعت ردَّ تخيلاتكم بأدلة محكمة لا أرى نفسي أهلاً لهذا اللقب وإنما أطلق على نفسي اِسم «محبّ الحكمة». 

لكل حضارة فلاسفتها العظام، فالإغريق لديهم المعلم الاكبر سقراط، وصاحب المعرفة أرسطو، وأفلاطون بفلسفته عن المدينة الفاضلة (يوتيوبيا) الذي سأنشر عنها مقالة في وقت لاحق عن أشهر اليوتيوبيا في الأدب والذي أقربهم لنا كعرب هي يوتيوبيا دكتور أحمد خالد توفيق والذي في الحقيقة لم تكن تتماشي فكريا مع يوتيوبيا أفلاطون ولكن هذا حديث أخر لمقال أخر.  

الإنجليز لديهم توماس هوبز، وجون لوك الملقب بأبو الليبرالية. الفرنسيين لديهم عالم اللاهوت جون كالفن. وأشهرهم على الأطلاق بالنسبة لي علي الأقل هو جان جاك روسو. حتى الهنود لديهم مهياتا بوذا الغني عن التعريف بالبوذية التي أتخذها أتباعه ديانة، ومن بعده جاء واحد من أشهر البوذيين وهو ناجارجونا. أما الألمان فكان لديهم أكثر الفلاسفة نفوذا في التاريخ وهو فريدريك نيتشه، بالإضافة لكثير آخرين أمثال عمانوئيل. 

ولكن السؤال الأهم هو: من هم أشهر وأهم فلاسفة المسلمين؟ 


أهم الفلاسفة المسلمين:


 الكندي 

  

هو أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي كان بصريا ثم انتقل لبغداد. لم يذكر مؤرخو العرب تاريخ ميلاد الكندي ووفاته بدقة ولم يذهبوا الى أكثر من أنه من أهل القرن الثالث للهجرة، ولكن عالم غربي حقق ذلك فذكر فلوجل أن الكندي عاش في النصف الأول من القرن العاشر للميلاد، ومات بعد عام 861 م. فكان عمره نحو سبعين عاما. 

ويعد أول الفلاسفة المسلمين المتجولين. وكان عالما بالطب والفلسفة وعلم الحساب والمنطق وتأليف الالحان والهندسة وعلم النجوم، وكما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية وألف الكندي في سائر العلوم تقريبا منها الهندسة وكيمياء العطر والتنجيم والسياسة، ولكن ليس في مؤلفاته شيء في الدين بل اشتهر برأي خاص في واجب الوجود خافه فيه المتشددون من أهل عصره والاقوال المروية عن الكندي تنقسم من حيث شكلها قسمين: نثرا وشعرا، حيث كان النثر في ثلاثة أمور: نصيحة للطبيب، الحث على التواضع، التحذير من الأقارب، بينما الشعر فقد رويت عنه سبع أبيات قد رواها العسكري في كتاب الحكم والامثال. 

الكندي لم يكن عبقريا بالمعنى الصحيح لأنه لم يكن له مبدأ فلسفي خاص به، انما منصفا يعمم العلم وينشره بشرح أمهات الكتب والتعليق عليها وإدخال مذهب أتباع فيثاغورس وأرسطو في كتبه فكان عالما ذا مواهب جمة لم تبلغ به سمة الذكاء الإنساني ولم تنزل به الى مستوى العلماء المتوسطين. فمن فضائله أنه نهى عن الاشتغال بالكيمياء للحصول على الذهب وذم ذلك وبين أنه عبث وتضييع للعمر والعقل والمال. ومما يذكر عن الكندي أنه كان بخيلا لدرجة الشح، يقول نزبيت مؤلف كتاب العبقرية والجنون: ان البخل من الامراض النفسية اللاصقة بالنبوغ.

 

 الفارابي  

 

هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان، فارسي الأصل، بلده وسيج بمقاطعة فارب وهو بلد تركي في خراسان. ولقب بالفارابي نسبا لمدينته فارب وهو ككثير غيره من العصاميين لا يُعرف تاريخ ولادته، وتوفي في الثمانين من عمره على الأرجح في عام 339 هجرية، فقررنا تاريخ ولادته فرضا في عام 260 هجرية ولا أظنه بعيدا عن الحقيقة ويعتبر المؤسس الأول للفلسفة الإسلامية فقد تأثر كل العلماء الذين جاؤوا بعده بأفكاره. 

ولقد رحل من مسقط رأسه في صباه الى بغداد فتعلم بها، ثم انتقل الى دمشق ليلتحق بحاشية سيف الدولة أمير حلب ليقيم ببلاطه مدة ثم اعتزل وعاش عيشة الحكماء الى أن توفي، حيث أصبح ناطورا في بستان في دمشق، وكان دائم الاشتغال بالفلسفة، وكان فقيرا ويستضيء في الليل بالقنديل الذي للحارس. 

كان الفارابي هادئ الطبع عاكفا على الفلسفة كثير التأمل، ذكي النفس متجنبا عن الدنيا مقتنعا منها بالقليل ومن قناعته أنه لم يكن يتناول من سيف الدولة من جملة ما ينعم به عليه سوى أربعة دراهم فضة في اليوم لضرورة العيش. 

ولقد تعلم الفارابي في أول أمره على يد أستاذ مسيحي اسمه يوحنا ابن حيلان. وقيل إنه عرف كل لغات الدنيا وقتها وهي سبعون لغة وفي هذا مبالغة كبيرة والثابت أنه تعلم العربية والفارسية والتركية واليونانية والسريالية، وهذه خمس لغات كانت كافية لعهده. 

ويرجع له الفضل في ضبط وتعيين كتب أرسطو، وتخليصها من غيرها قبل ترجمتها وشرحها، وقد سار من بعده واتبعوا خططه فقد بلغتنا كتب أرسطو منقولة الى اللغات الاوربية القديمة والحديثة على النسق الذي اختاره الفارابي. فلا عجب إذا سمي المعلم الثاني بعد المعلم الأول أرسطو، وكما يطلق عليه ارسطوطاليس العرب. 

ومجموع كتبه ستين كتابا، وخمسا وعشرين رسالة، وسبعة عشر شرحا، والباقي منها ثمانية عشر كتابا. ولكن مؤلفاته القيمة هي ما كانت خاصة بفلسفة أرسطو شرحا وتفسيرا. ومن الكتب المنسوب اليه هو إحصاء العلوم وهو كتاب عظيم الفائدة لا غنى عنه لطالب العلم. 

 

ابن سينا   

 

هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سيناء، ولد عام 370 هجرية، فارسي الأصل نشأ في ولاية ما وراء الأنهر، الملقب بالشيخ الرئيس أشهر أطباء العرب، ومن أعظم فلاسفتهم وكان في العاشرة من عمره قد استظهر القرآن وألم بجزء جيد من العلوم الدينية وعلم النحو، وقد كان الناس ليعجبون بحفظه وبذكائه السابق لأوانه. 

ولم يبلغ السادسة عشر حتى اشتهر لحذقه في الطب، حتى دعاه نوح بن منصور أمير بخاري لعيادته لمرض ألم به بعد أن عجز عنه الأطباء، فعالجه الى أن عوفي فأعجب به وأكرمه وفتح له خزانه كتبه فاستقى من تلك الينابيع العذبة ما شاء. ثم شاء الله واحترقت المكتبة فأُتهم ابن سينا بأنه محرقها، رغبة في التفرد بما فيها من علم. 

ثم بدأ ابن سينا بوضع كتاب قانون الطب، وهو المؤلف الذي خلد ذكره، وأكسبه صيتا بعيدا في أوروبا، حيث بقي قانون ابن سينا هو أساس العلوم الطبية وعمدة الطالبين لها خلال قرون متتالية. 

ابن سينا كان فذا في عبقريته حقا، وكان ذكاؤه من النوع الذي يظهر قبل أوانه. فقد أتـم تعليمه في أواخر العقد الثاني من عمره، وكان على قمة الفتوة مالكا زمام العلوم المعروفة لعهده، ومما يؤيد قولنا بأن عقل ابن سينا كان مخلوقا للفلسفة، وأن الممارسات العقلية كان أسهل عنده من غيره، أن التأليف والتصنيف عنه كان من أبسط الأمور وأسرعها عنده. فلم يكن من الحكماء الذين يطيلون النظر فيما يكتبون ثم يحورونه، بل كان التأليف عنده سلسا لا ينقح ما يكتب أو يصححه. 

 

ابو حامد الغزالي 

   

أبو الحامد محمد بن محمد ولد في طوس احدى مدن خراسان عام 450 للهجرة وتوفي عام 505 للهجرة، وأُختلف في لقبه أهو الغّزالي بتشديد الغين نسبة الى ابيه الذي كان يشتغل بالغزل، أو الغزالي بتخفيف الغين نسبة الى مدينته غزالة وهي احدى ضواحي طوس، والغالب أنه الغزالي بتخفيف الغين.

أكبر علماء الكلام لعهده وأحد أئمة المذهب الشافعي، يعد من أعظم أعلام الفكر العربي الإسلامي وقد عده الكثير من المؤرخين من نوادر الدهر نبوغا. 

درس العلوم في بلده ثم رحل الى نيسابور لطلب العلم. وكان علمه الواسع بعلم الكلام والفلسفة سببا في اقبال وزير السلطان ملك شاه السلجوقي عليه، فوكل اليه إدارة المدرسة النظامية التي أسسها في بغداد، وكان الغزالي حينئذ في الثالثة والثلاثين وله بين العلماء مرتبة رفيعة. 

ثم ترك المدرسة النظامية بعد سنين قليلة تركها، وذهب مكة للحج، ثم لدمشق وبيت المقدس والإسكندرية لإلقاء الدروس، ثم الى طوس وانقطع الى حياة الفكر وعاش عيشة المتصوفة وانكب على تأليف الكتب، وكانت غايته من وضعها تقرير امتياز الإسلام على غيره من الأديان؛ ولذا سمي حجة الإسلام، وزين الدين. 

ثم هجر التأليف وعاد الى نيسابور ليدير المدرسة النظامية، ثم عاد الى طوس مرة أخرى وأسس ملجأ للصوفيين (تكية) وقضى بقية أيامه في العبادة والتأمل وتوفي فيها.

  

ابن رشد   

 

محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، يُكنى بأبي الوليد، ولد عام 520م وتوفي 595م. 

ولد في قرطبة وتوفي في مراكش، نشأ في بيت فقهاء وقضاة، وكانت اسرته من أكبر الاسر وأشهرها في الاندلس. ويعتبر مؤسس مذهب الفكر الحر. وكان مشهورا بالفضل معتنيا بتحصيل العلوم، وكان أوحد دهره في علم الفقه والخلاف، كما كان متميزا في عالم الطب. 

لقد درس ابن رشد الشريعة الإسلامية على الطريقة الاشعرية، وتخرج في الفقه على مذهب الامام مالك. ولما بلغ الثامنة والعشرين من عمره سافر الى مراكش، وقصد الى بلاط الخليفة عبد المؤمن ثاني أمراء الموحدين، وولي قضاء قرطبة بعد أبي محمد بن المغيث، فحمدت سيرته، وصارت له وجاهة عند الملوك لم يستعملها في رفعة حال ولا جمع مال. 

كان الخليفة المنصور في أول أمره أميرا عاقلا عادلا محبا للحكمة والحكماء، وكانت حاشيته هي حاشية أبوه ذاتها ومنهم ابن رشد، وقد نشأ على اكرامهم وتبجيلهم، لكنه في أواخر أيامه تغير وتعفف وقرب الاولياء والزهاد، وأعرض بعض الاعراض عن الفلسفة فانتهز أعداء ابن رشد هذه الفرصة ووشوا به هو وتلاميذه ومريديه، وأقنعوا المنصور بأن إطلاق الحرية للفلاسفة مضر بالدين والدولة فاقتنع بكلامهم ولكنه تلطف في عقابهم فاكتفى بالنفي المؤقت ثم ندم فأعاد ابن رشد وأتباعه واسترضاهم. 

ولم يثبت ان ابن رشد قد ألف كتابا قبل سنة السادسة والثلاثين من عمره، وله خمس كتب بالعربية منها كتاب تهافت التهافت الذي كتبه ردا على كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي، وله الكثير أما باللاتينية أو بالعبرية. ويقال إنه ألف وهذب نحو عشرة الاف ورقة. 

ومما يلفت النظر جهله باليونانية وعدم المامه بغير العربية ولكنه لم يكن وحده في عدم الاخذ باللغات لأن معظم أسلافه من حكماء العرب لم يأخذوا بها مما ضيع عليهم الكثير من الكنوز في اللغات لاسيما اليونانية. 

لم تزد معرفة ابن رشد عن العلوم الشائعة في عصره ولم يكن مبتكرا ولم يؤسس علماً جديد ولكنه امتاز عن معاصريه بمقدرة في الانتقاد نادرة في زمنه وغير زمنه. ويشوب أسلوب ابن رشد الجفاف، وهو في معظم كتبه حاد المناقشة قاسي اللهجة شديد المراس على خصومه، ويمتاز أيضا بوضوح شخصيته سواء أكان موجزا أم مسهبا في كتابته. 

والسبب في عدم اشتهاره عند المسلمين كما يجب، يرجع الى عدم انتشار كتبه في الأقطار؛ لأنها لم تخرج من الاندلس التي أمر المتعصب الجهول زيمنينز بإحراق المخطوطات العربية التي كانت موجودة هناك، ثم بعد ذلك حين زالت دولة الموحدين بعد الفتح المسيحي، أُحرقت في ساحة غرناطة ثمانون ألف نسخة من الكتب العربية، وهكذا ضاعت الكثير من مؤلفاته. 

 

ابن خلدون 

هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون. ولد في تونس عام 732 هـ وتوفي في مصر عام 808هـ. وهو من عظماء القرن الثامن للهجرة. نشأ في تونس وتلقى العلوم المعروفة في عصره ثم تركها فرارا من وباء انتشر في تونس فذهب الى هوارة. وضل يتنقل بين الأقطار حتى استقدمه السلطان أبو عنان المريني الى فاس وهو في مستهل العقد الثالث من عمره فقربه اليه. 

ثم عاد للتنقل مرة أخرى حتى استقر أربع سنين في تلمسان. وفي أثناء تلك المدة شرع في تأليف تاريخه فأكمل كتاب المقدمة. ثم حن الى بلده تونس فعاد اليها وواصل عمله هناك. حتى قرر السفر الى مصر. فوصل الإسكندرية وانتقل منها الى القاهرة. ودرس هنالك في الازهر. فأُعجب به سلطان مصر برقوق فقربه وأولاه القضاء. فاشتهر عالما وقاضيا ومؤرخا وأديبا. 

وكان ابن خلدون قد بعث لأهله يستقدمهم للعيش معه في مصر فغرقوا جميعا في الطريق فعظُم الأمر عليه فإستقال من منصب القضاء وانقطع للتأليف والتدريس حتى أتم كتابه الذي قضى في تأليفه نحو خمسة عشر عاما. وما زال مقيما بمصر حتى توفي فيها. 

وقد انفرد ابن خلدون بين مؤلفي العرب باتخاذ يوميات ومذكرات شخصية يدونها يوما فيوم وأطلق عليها أسم: التعريف بابن خلدون. وتنتهي حوادث هذه المذكرات قبل عام واحد من وفاته. 

وقد سبق ابن خلدون كل كتاب أوروبا بوضع قواعد علم الاجتماع الذي لم يطرق بابه الا فلاسفة اليونان. ومقدمة ابن خلدون لفتت الغرب أكثر من العرب. وهو كتاب بالمعنى الصحيح قلبا وقالبا فهو منظم ومنسق شكلا. وجليل الفائدة موضوعا. ويعتبر واضع أسس علم الاجتماع الحديث.  

 

 

 









\

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -