المنارة 7 || رثاء الزوجات

قصائد رثاء الزوجات



 

رثاء الزوجات

يعتبر الرثاء واحد من أهم أنواع الشعر، ولكني أعتقد أن رثاء الزوجات أخص ففقد الشريك يبلغ من النفس مبلغا عظيما، ومن أبرز الشعراء الذين كتبوا في رثاء زوجاتهم:


جرير


يعتبر جرير من أشهر من رثى زوجته خالدة في الوقت الذي كان العرف يرى ان رثاء الزوجة والبكاء عليها مما يعيب الرجل، ومما قال فيها:


لَولا الحَيـاءُ لَعـادَني استعبار *** ولزرت قــبرك والحـبيـب يزار

فجزالك ربك في عشرتك نظرة *** في اللحد حيث تمكن المحفار

ولـهـت قـلـبي إذ علتــنـي كـبرة *** وذوو التـمائم من بنيك صغار

اراعي النجوم وقد مضت غورية *** عصب النجوم كأنهن صوار

 

 

محمد مهدي الجواهري

 

نهر العراق الثالث يرثي زوجته ام فرات بعد وفاتها في شبابها حين كان بمنفاه في لبنان، وهي من أواخر ما كتب:

 

في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ
أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ
قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا
عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا
تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها
رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد
أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ
ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غد
طالَ التحمل واعتاصتْ حُلولُهم
ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَد
ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحمَةٌ
فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لبَد
ولا الفتاةُ بريعانِ الصِبا قُصفَتْ
ولا العجوزُ على الكّفينِ تَعتمِد
وليتَ أنَّ النسورَ استُنزفَتْ نَصفاً
أعمارُهنَّ ولم يُخصصْ بها أحد
حُييَّتِ   أُمَّ فُراتٍ   إنَّ والدة
بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِد
تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها
بُدّاً ، وإنْ قامَ سدّاً بيننا اللَحد

نزار قباني

 

كتب قصيدة بلقيس التي تحمل اسم زوجته الثانية بعد ان قتلت في تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981:

 

بلقيس ..
إن زروعك الخضراء ..
ما زالت على الحيطان باكيةً ..
ووجهك لم يزل متنقلاً ..
بين المرايا والستائر
حتى سيجارتك التي أشعلتها
لم تنطفئ ..
ودخانها
ما زال يرفض أن يسافر
بلقيس ..
مطعونون .. مطعونون في الأعماق ..
والأحداق يسكنها الذهول
بلقيس ..
كيف أخذت أيامي .. وأحلامي ..
وألغيت الحدائق والفصول ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي.. وضياء عيني ..
قد كنت عصفوري الجميل ..
فكيف هربت يا بلقيس مني ؟..
بلقيس ..
هذا موعد الشاي العراقي المعطر ..
والمعتق كالسلافة ..
فمن الذي سيوزع الأقداح .. أيتها الزرافة ؟
ومن الذي نقل الفرات لبيتنا ..
وورود دجلة والرصافة ؟
بلقيس ..
إن الحزن يثقبني ..
وبيروت التي قتلتك .. لا تدري جريمتها
وبيروت التي عشقتك ..
تجهل أنها قتلت عشيقتها ..
وأطفأت القمر ..
بلقيس ..
يا بلقيس ..
يا بلقيس


 

البارودي

 

توفيت زوجة البارودي بعد ان تم نفيه من مصر أثر فشل الثورة العرابية، ومما قال فيها:

يــدَ الـمــنُـونِ قـدَحــتِ أيُ زِنــادِ *** وأطـرتِ أي َّ شــعـلـة بـفــؤادي

أوهَنتِ عزمي وهو حَملة ُ فيلقٍ *** وحَطَمتِ عودي وهو رُمحُ طِرادِ

لم أدرِ هَـلْ خَـطـبٌ ألـمَّ بساحتي *** فَأَنَـاخَ، أَمْ سَـهْـمٌ أَصـابَ سَـوَادِي؟

أَقـذَى الْعُيـُونَ فَأَسـْبَلـَتْ بِمـَدَامِـعٍ *** تــجري علـى الخدَّيـنِ كـالفـِرصادِ

ما كُنـْــتُ أَحْـسـَـبُنـِـي أُراعُ لِـحَـادِثٍ *** حتَّـى مُـنيــتُ بـهِ فـأَوهَــنَ آدي

أبلـتـنـي الـحـسراتُ حتَّى لم يـكـد *** جِـسْـمِـي يَـلـُــوحُ لأَعْـيُـنِ الْــعـُوَّادِ

أَسْـتَـنْــجِدُ الزَّفَـــراتِ وَهْيَ لَـوافِـحٌ *** وَأُسـَفِّـهُ الْعــَـبَـرَاتِ وَهْـيَ بـَــوَادِي

لا لــوعـتــي تــدعُ الـفــؤادَ ولا يـدي *** تــقــوَى على ردِّ الحـبيـبِ الغـادي

يا دَهْــرُ، فِـيــمَ فَجَـعْتـَـنِـي بـحليــلة ٍ؟ *** كـانَتْ خَـلاصـَة َ عُـدَّتِـي وَعَــتَـادِي

إِنْ كُـنْـتَ لَـمْ تَــرْحَمْ ضـــَنَـايَ لِبُــعـْدِها *** أفلا رحِـمـتَ مـنَ الأسـى أولادي؟

 


محمد بن عبد الملك الزيات

 

قام ابن الزيات بسكب عصير مشاعره الحقيقية على عتبات الغياب لزوجته وام ابنه، ومما قال فيها:


ألا من رأى الطفل المفارق أمه *** بعيد الكرى عيناه تنسكبانِ

رأى كـل أم ابـتنهـا غير أمه *** يـبـيتان تــحـت اللـيل ينتجـيانِ

وبات وحيدا فـي الفـراش تـجـنه *** بـلابـل قـلب دائـم الخـفــانِ

الا ان سجلا واحدا ان هرقته *** من الدمع او سجلين قد شفيانِ

 فلا تـلحـيانـي ان بـكـيت فأنـما *** اداوي بهـذا الدمع ما تريانِ

وان مكانا في الثرى خط لحده *** لمن كان من قـلبي بكل مـكانِ

 

عزيز اباضة

 

نشر عزيز ديوانا كاملا لرثاء زوجته وهو (أنات حائرة)

وهو أول من قام بكتابة ديوان كامل مخصص لرثاء زوجته فقط، ومما قال فيها:

 

رحـمـتـا لـلـجـريـح مـن أنـاتـه *** ولـســمع الوساد من آهـاتـه

غـربـت شـمـسه فـقـام يناجي *** سـاهدتُ النـجـوم في ليـلاتـه

إنـها بـيـنـهـن تــســمـع نــجـواه *** وتـبــكي لـبــثه وشـكـاتـه

أرسلت من شعاعها ذكريات *** هاجت الكامنات من ذكرياته

 

ابن الرومي

 

بكل حزن يأمر عينيه أن تكف عن ذرف الدموع لأنه يعتقد ان البكاء يروح عن النفس ولا يريد أن يعيش حزنا عميقا دائما لوفاة زوجته، قائلا فيها:

 

عيني شحـا ولا تُسحا *** جل مصابـي عن البكاء

ترككما الداء مستكنا *** أصدق عن صحة الوفاء

إن الأسى والبكاء قِـدما *** أمران كـالداء والدواء

ومـا ابتـغـاء الـدواء إلا *** بُغيا سبيل الـى البقاء

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -