المينيماليزم
تكلمنا في المقال السابق عن هوس التكديس، وذكرني بالاتجاه المعاكس لهذا ان صح التعبير، وهو المينيماليزم أو التقيلية ، فيا ترى ما هو هذا النظام ، وكيف بدأ، وكيف يمكنه أن يؤثر على مسار حياتك كلها؟
ما هي المينيماليزم أو التقليلية
أسلوب حياة بسيط يتميز بتعمد تقليل الاستهلاك
والتركيز على العناصر المهمة فقط والاستغناء عن كل ما هو غير لازم وغير مستخدم،
فلسفة تنطبق على طريقة العيش واللباس وإدارة الوقت والعلاقات الإنسانية، وكما أطلق
المهندس المعماري المقولة الشهيرة (الأقل هو الأكثر) داعيا من خلالها الالتزام
بالبساطة والابتعاد عن التفاصيل والزخارف في المباني الى الحد الأقصى، لتصبح هذا
العبارة بعد ذلك كالعنوان للمينيماليزم.
الفرق بين الزهد و المينيماليزم
تم ذكر أسلوب حياة يشابه المينيماليزم في
العديد من الأديان والثقافات كالزهد في الإسلام، كما يميل البوذيين الى تقليص
ممتلكاتهم المادية. ولكن الفرق ان ما سبق كان لغرض ديني يتلخص في توفير وقت
للعبادة أكثر، أما المينيماليزم فهو لغرض دنيوي بحت يتخلص في محاولة لعيش حياة
أكثر سعادة وأكثر استقرار نفسي.
بداية حركة المينيماليزم
على الرغم من أن المينيماليزم الآن تشمل كل
جوانب الحياة الا انها بدأت كحركة فنية في الستينات من القرن الماضي في نيويورك،
في الوقت الذي كانت فيه المدرسة التعبيرية التجريدية تسيطر على المشهد، وفجأة بدأت
أعمال كأعمال الفنان فرانك ستيلا ودونالد جود، حيث كانت أشكال هندسية وبسيطة
وباردة ثائرة على الفن الحديث معتبرة إياه تقليدا وأكاديميا، ولقد تعرضت الحركة
الى انتقادات شديدة اتهمتها بالافتقار الى المهارة والجمال، لكن الحركة نجحت
وانتقلت الى الهندسة المعمارية والموضة والتكنولوجيا ومنها الى كل نواحي الحياة.
فوائد المينيماليزم
ستحررك المينيماليزم بشكل أساسي من السطوة
المفروضة عليك من قبل الشركات الضخمة التي تجعلك نشتري ما لا تحتاجه بمال لا تملكه،
وهكذا تتحرر من ثقافة الاستهلاك الذي غزت هذا العالم.
بالإضافة الى اعطائك فرصة التركيز على الأشياء
المهمة والتي تستخدمها فعلا، مما سيخصلك من الشعور بالحاجة الى جني المزيد من الأموال
لإنفاقها على شراء المزيد والمزيد من الأشياء. كما ستتخلص من الفوضى وتراكم المهام.
وتقليل الضغط النفسي والعصبي. وقدرة أكبر على
الإنجاز بعد أن يتوفر لك الوقت والجهد والمال، مما سيقلل من التشتت الامر الذي
سيمنحك قدرة أكبر على الإنجاز.
وفي دراسة أجريت عام 2005 في جامعة إلينوي عن
المينيماليزم، أشارت الى أن اتباع هذا النمط من الحياة يؤدي الى ارتفاع الشعور
بالرضا والتخفيف من الشعور بالضغط والتوتر. اذ ان الحقيقة هي أن التجارب والخبرات
تقدم قيمة ورضا أكثر بكثير من امتلاك الأشياء المادية، والمنيماليزم تتيح لك خوض
تجارب أكثر بما أنك توفر الكثير من الأموال التي كنت تشتري فيها الكثير مما لا
تحتاجه في حقيقة الأمر، هذه الأشياء التي تشتريها هي عملية تنجح في اسعادنا ولكن
لفترة قصيرة، اذ سرعان ما نعتاد وجودها وتفقد أثرها، ثم تعاود هذه العملية مرارا
وتكرارا.
خطوات عملية
بعد أن أخبرتك بكل هذه الفوائد، سأخبرك عن
خطوات عملية تساعدك على البدء باتباع هذا النظام في حياتك:
1_ توقف عن علاج الضيق بالتسوق
البعض منا يحب عملية التسوق نفسها، فيذهب
للتسوق متى ما شعر بالضيق، لكن في الحقيقة هذا تصرف غير حكيم بالمرة، وحتى لو شعرت
باستمتاع أثناء عملية الشراء نفسها، فإنك حتما ستشعر بالضيق حين تعود مكتشفا أنك
انفقت الكثير من المال على ما لا يستحق.
2_ تعلم كيف تتعامل مع العروض والخصومات
تستخدم الشركات العروض لتشجيعك على المزيد من
الاستهلاك، فلو عرضت سلعة معينة سعرها 100 دولار، ومع العرض أصبح سعرها 60 دولار،
فذهبت أنت واشتريتها، في هذه الحالة أنت لم توفر 40 دولار بل انفقت 60 دولار.
الحل هو ألا تشتري شيء لا تحتاجه فعلا،
استنادا على أن العرض مغري.
3_ متابعة المصروفات
متابعة المصروفات ستكشف لك الكثير من الخفايا
عن عاداتك المالية التي أحيانا لا تكون ظاهرة لك بالشكل الكافي، الامر الذي
سيساعدك على معرفة الجوانب التي تسرف فيها من غير حاجة.