المنارة 7 || سيبويه

 

سيبويه أمام النحويين

سيبويه

 

 

إمام النحويين، خليل الخليل، مؤلف كتاب الكتاب الذي أصبح المرجع الأول لكل كتب النحو، فارسي أحب اللغة العربية لدرجة أنه أفنى حياته كلها في تعلمها وتعليمها.

 


من هو

 

 

عمر بن عثمان بن قنبر عاش طفولة غابت عن الالسنة والكتب، لعائلة بسيطة بلا مقام معلوم، ولد في مدينة شيراز في إيران. حجة أهل زمانه وخليل الخليل.

وأما لقب سيبويه فيعني رائحة التفاح، قد أطلقته عليه أمه، قيل لأن رائحته لطيفة كرائحة التفاح، وقيل لأن خديه متوردان كالتفاح.


 

شيوخه

 

أول شيوخه حماد البصري الذي تعلم على يده الحديث والفقه الى أن لحقه التأنيب ذات يوم بشأن حديث شريف قرأه شيخه، اذ قال شيخه [قال ابن هشام (وذلك أنه جاء الى حماد بن سلمة لكتابة الحديث فاستلمي منه قوله (صلى الله عليه وسلم) ليس من أصحابي أحد ألا لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء] فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء لأن ما بعد ليس مرفوعا، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه، فليس هنا استثناء وما بعد الاستثناء ينصب. فتحرج سيبويه وقال: سأطلب علما لا تلحنني فيه، وقام من المجلس وذهب الى الخليل بن أحمد الفراهيدي شيخه الذي لزمه حتى مات.

وفي موقف ثاني شجعه على دراسة النحو يخبرنا عنه عبيد الله بن معاذ قائلا: ذهب سيبويه الى حماد قائلا له: هل أخبرك هشام عن أبيه، في رجل رعُف في الصلاة فانصرف؟ فقال له حماد: أخطأت، انما هي رَعف في الصلاة.

وبعد هذا أصبح خليل الخليل ولزمه حتى يتعلم من النحو فأصبح أقرب الناس اليه، وقال أبو عمرو المخزومي الذي كان كثير المجالسة للخليل.

  

علمه

 

أبرز ما اشتهر به كتاب الكتاب الذي يعتبر المحاولة الأولى في تدوين النحو بطريقة منظمة منهجية. وقد أسماه البعض قرآن النحو على الرغم من المبالغة في هذا اللقب، الا انه يوضح أن كتاب سيبويه هذا أصبح المرجع لكل كتب النحو فيما بعد.

ولم يظهر كتابه هذا في حياته لأنه توفي قبل أن يكمله أو ينقحه ولم يضع له اسم وهكذا عرف باسم كتاب الكتاب، ثم قام تلميذه الأخفش الأوسط بنشره.

وعلى الرغم من إدعات البعض أن الكتاب لا يعود له في الحقيقة وانما كتبه عدد من النحويين زعم البعض أن عددهم 41 كاتب، حذفت أسماءهم وبقي سيبويه وحده، الا انه ادعاء مردود.


 

المسألة الزنبورية

 

في ظل المنافسة المحتدمة بين المدرسة الكوفية والمدرسة البصرية، التي لم تأخذ طابعا حميدا خاصة في عهد قارون الرشيد. دعي سيبويه لحضور هذه المناظرة التاريخية باعتباره زعيم المدرسة البصرية، ليواجه الكسائي زعيم المدرسة الكوفية.

يقال إن الوزير البرمكي حذر سيبويه من القدوم وحده الى بغداد التي في كل ركن منها مناصر للكوفيين، ويقال في رواية أخرى انه قام بدعوته بنفسه، لكن على كل فإن الفائز كان سيحظى على مكانة عند هارون الرشيد، مما يعني تقرب مدرسته، بالإضافة الى مكافأة مالية مجزية.

قبل سيبويه الدعوة وذهب الى بغداد بالفعل، وبدأت المناظرة التي يسأل فيها الكسائي سيبويه، حتى سأله هذا السؤال: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أم فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه جازما أن ما قاله صحيح: فإذا هو هي، ولا يجوز النصب.

فرد الكسائي أن أخطأت يا بصري، وإنما هي: فإذا هو إياها. ولم يقبل أي منهما رأيي الأخر، فتسأل الخليفة من يحكم بينهما، فاقترح الكسائي أن الحاكم سيكون مجموعة من الأعراب الذين يتكلمون العربية على السليقة الذين حضروا المناظرة، فراق له الاقتراح وبالفعل تم سؤالهم، وصوبوا رأيي الكسائي، الا ان صدقهم كان مشكوكا به وأظن أنه امرا دبر بليل، ويقال إن سيبويه أراد منهم أن ينطقوا الجملة فما طاوعهم لسانهم، الا ان المناظرة حكمت للكسائي على أي حال.

وفي الحقيقة ان رأيي سيبويه هو الراجح حسب ما ذكره أئمة النحو فيما بعد.

وبعد هذه الحادثة رجع سيبويه خائبا الى شيراز ولم يعد الى البصرة وبقي هناك فترة وجيزة حتى مات.

 

وفاته

 

توفي الفراهيدي وهو في ريعان شبابه وأوج عطاءه، بسبب اصابته بمرض في معدته، ودفن في شيراز.

ولقد رثاه الكثير، منهم الزمخشري، الذي قال:

 

الأ صلى الاله صلاة صدق *** على عمرو بن عثمان بن قنبر

فإن كتابه لم يغن عنه *** بنو قلم ولا أبناء منبر

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -