المنارة 7 || هوس التكديس

 

اكتناز قهري

هوس التكديس

 

 

 

الاحتفاظ بالأشياء المتراكمة وغير المرتبة له أثر على البدن كما له أثر على النفس

                                                        

                                                                            كارين كينغ ستون

 

 

حالة مرضية تتلخص في تكديس الأشياء والتي غالبا ما تكون غير ذات فائدة، ويعاني من قلق مفرط والقلق ويصبح غير قادر على التخلص من أي شيء ويشعر بندم مؤلم في حال تخلص من أي شيء، مصاحب بشعور في الارتباط العاطفي بهذه الأشياء. ويعتقد أن 2% الى 6% من الناس يعانون من هذا الاضطراب.

 

لا أدري في الحقيقة ان كان التكديس القهري موجودا منذ القدم ام هو حاصل في التاريخ الحديث نتيجة لثقافة الاستهلاك التي غزت عالمنا، لكني أعتقد أن الامر يشبه مشكلة السمنة، حيث كان رجل الكهف يأكل كل ما يجده تحسبا لمجيء يوم لن يجد فيه ما يأكله، وهو ما يحصل كثيرا، الا انه في العصر الحديث اختفت مشكلة عدم توافر الطعام عند الكثير، لكننا بقينا نأكل بشراهة. كذلك التكديس القهري لا زلنا نحتفظ بالأشياء تحسبا لاحتياجنا لها في يوم ما. لربما لا زال رجل الكهف يسكن في دواخل الكثير منا.

  

ويختلف الاكتناز القهري أو هوس التكديس عن جامعي التحف النفية والعملات النقدية، من حيث أن المصاب به يحتفظ بأي شيء، أي شيء حرفيا، أشياء معدومة القيمة. في حين أن الهواة يجمعون أصناف بعينها من الأشياء ذلت القيمة المعنوية أو المادية بغرض عرضها بشكل منسق والتباهي بها أو بيعها.


ان الكلمة الإنجليزية المرادفة لكلمة كراكيب Clutter مشتقة من Clatter والتي تعني التخثر، أي تحويل سائل أو محلول الى مادة جامدة، وهو ما يشبه حالة الركود التي يمكن ان تصل اليها. وهو يشبه حالة الركود النفسي التي تصيب من يستمر بتكديس الأشياء.

وربما القصة الأشهر عن التكديس القهري هي قصة الاخوين هومر ولنجلي كولير اللذين عاشا في أميركا في النصف الأول من القرن العشرين وسط عائلة مترفة في نيويورك في منزل ضخم مكون من أربعة طوابق، عاش الاخوين في سعادة وترف حتى توفي والديهما، ثم إصابة هومر في أحد الأيام بنزيف في عينه سبب له العمى، ليتفرغ أخوه لنجلي لعنايته في البيت كونه لا يثق في الأطباء.

ومن هنا تبدأ قصة التكديس، حيث بدأ لنجلي في تجميع الصحف التي كان هومر يحب قراءتها جدا، على أمل أن يعود له بصره ويقرأها، ثم استمر في التكديس حتى وصل الامر الى أن كل هذا المنزل الضخم مملوء بكل الأغراض غير ذات النفع، عدا 9 أمتار يعيش فيها الاخوين.

ثم وفي أحد الأيام اشتم الجيران رائحة قاتلة تنبعث من البيت، فقاموا باستدعاء الشرطة ليكتشف الشرطة وبصعوبة (بسبب كل الأغراض المكدسة) جثة هومر وكان سبب الوفاة هو الموت جوعا، ثم انطلقت الشرطة تفتش عن الجثة، وبعد بحث مكثف في داخل البيت وخارجه لمدة ثلاث أسابيع، تم اكتشاف جثة لنجلي على بعد عشرة أمتار من مكان جثة هومر تحت كومة كبيرة جدا من الأغراض ميتا بسبب أحد الفخاخ التي وضعها بنفسه خوفا من السارقين، في محاولته أن يصل لأخيه كي يطعمه، وهكذا توفي هومر بعضه.

تم اخراج حوالي 130 طن من القمامة، 14 بيانو، 25 ألف كتاب في هذا البيت، في حادثة فريدة من نوعها، وكما يقال: المتطرفون هم أول ضحايا تطرفهم.


 وفي قصة شهيرة أخرى في سنة 1990 قبض على ستيفن بلومبرغ بتهمة سرقة 23 ألف كتاب بقيمة 5 مليون دولار، لا لغرض البيع بل لغرض الاحتفاظ بالكتب وهي أضخم عملية سرقة للكتب في تاريخ الولايات المتحدة. 

 وفي حالات أخرى تم الاحتفاظ بالعشرات من الحيوانات الاليفة رغم صعوبة الاعتناء بهم بالشكل الصحي.

أسباب الإصابة به غير واضحة ولا تتعدى كونها نظريات لم يتم اثبات أي منها، ولكنه يؤدي الى العديد من المشاكل العويصة كزيادة خطر التعرض لحريق أو خطر الإصابة بسبب انهيار كومات من الأشياء المكدسة كما تتجمع الحشرات والقوارض التي تسبب الامراض، ومحدودية أو انعدام العلاقات الاجتماعية بالإضافة الى جعل شخصية المصاب به قلقا مترددا في اتخاذ أي قرار.

والمشكلة ان المصاب به نادرا ما يطلب المساعدة للتخلص من هذا الاضطراب لأنه لا يدرك أنه مصاب بما يحتاج علاج، ولكنه ان فعل وطلب علاجا فأمامه خياران هما العلاج السلوكي الادراكي، والعلاج الدوائي.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -