المنارة 7 || الخليل بن أحمد الفراهيدي

 

الفراهيدي

الخليل بن أحمد الفراهيدي

 


عبقري اللغة وصاحب أول وأقدم معجم للغة العربية، كان علامة فارقة في تاريخ اللغة العربية، وواحدا من أشهر أئمتها وواضع علم العَروض.

وقيل إن الاجماع معقود على أنه لم يكن أحد أعلم بالنحو من الخليل، وأن كل من جاءوا قبله كانوا مقدمة له، وكل من جاء بعده جاء نتيجة لعمله.

 

من هو الفراهيدي

 

أحمد عمرو الازدي الفراهيدي نسبة الى فراهيد بن مالك اليمني المولود عام 100 هـ، المتوفي عام 170 هـ.

ولم يقتصر علمه على العربية فقط، بل كان قارءا للقرآن وفقيها وعالما بالأدب والتاريخ وكان رغم علمه الغزير زاهدا ورعا ما اغتر بنفسه، عاش في بيت بسيط في البصرة.

كان الفراهيدي يستغرق في أفكاره كأنما لا أحدا حوله، وفي هذا قصة طريفة مفادها:

كان الفراهيدي مستغرقا تماما في تقطيع بيت شعري على أحد أوزان العروض، ويبدو أنه كان يكلم نفسه بصوت مرتفع، فخرج للناس يخبرهم بأن أباه قد جن، فجاء الناس يخبرون الفراهيدي بما قاله أبنه، فوجه الحديث لأبنه قائلا:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما أقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمت أنك جاهل فعذرتكا

 

 

شيوخه وتلاميذه

 

أبرز شيوخه هم: أيوب السختياني، عاصم الأحول، العوام بن حوشب، غالب القطان.

وأبرز تلاميذه: سيبويه، والكسائي، والأخفش الأوسط، والاصمعي.


 

الفراهيدي والنحو

 


على الرغم من أنه لم يعض كتابا خاص به في النحو لكن آرائه كانت موجودة ومدونة في كتاب الكتاب لسيبويه، وكل من يقرأ كتاب الكتاب يرى كثرة ما نقل سيبويه عن الفراهيدي، وكما قال أبو الطيب اللغوي: عقد سيبويه كتابه بلفظه ولفظ الخليل. وكما يقول السيرافي: عامة حكاية في كتاب سيبويه عن الخليل. وقد يغالي البعض في قوله إن لا فضل لسيبويه في كتاب الكتاب، وانما الفضل كله للخليل وحده، ولكني لا أنكر فضل سيبويه في الكتاب.

 

الفراهيدي والصرف

 

ربما يكفيه أنه وضع الميزان الصرف الشهير الذي توزن به الكلمات العربية، وهو (فعل) للثلاثي المجرد، وللأمر تفصيل واسع، وما كان علم الصرف سيكون كما هو بدون هذا الميزان الصرفي.


 

وضعه لعلم العَروض

 

يقال إن فكرة طرأت بباله حين كان يسير بسوق الصفارين، فكان لصوت دق مطارقهم نغم مميز، خطر في باله أن للشعر نغمات أو طرقات موسيقية تشبه في وقوعها هذا الدق. ويقال إنه دعا الله في مكة أن يلهمه علما لم يسبقه اليه أحد فألهمه الله هذا العلم.

وهو لم يخترعه بالطبع، لكنه استنبطه من أشعار العرب، اذ ان العرب كانت تقول الشعر على السليقة، ثم انطلق الفراهيدي لوضع أساس لعلم يكون موضوعه الشعر العربي، وجعل فيه الشعر العربي 15 بحرا، ثم وضع الأخفش الأوسط بحرا أخيرا.

وهي الابحر هي: الطويل، المديد، البسيط، الكامل، الوافر، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث، المتقارب، المتدارك.

 

معجم العين

 

أول معجم عربي، سعى من خلاله أن يتتبع أثر التطور اللغوي الاجتماعي والاشتقاقي، وقد أسماه هكذا على اسم أول فصل فيه وهو حرف العين.

وقد وضع له مقدمة تعد بحثا مستقلا بذاته، شرح فيها منهجيته في تبويب الكتاب، ودراسة الأصوات التي تتكون منها اللغة، ورتب الحروف العربية في معجمه حسب مخارجها، وقال الدكتور شوقي ضيف أنه أخذ هذا الترتيب من علوم الهند، الذين كانوا يرتبون حروف لغتهم السنسكريتية بهذه الطريقة.

وكان المنهج في المعجم هو تقليب الحروف، اذ كان يقلب الكلمة بحثا عن أي صيغة يستعملها العرب، مثل كلمة كتب، فيأتي ويقول: تكب، تبك، كبت، بكت. وهكذا، ومن الكلمات ما هو مستعمل ومنها ما هو مهمل.

ولقد اعتنى في المعجم اعتناء كبير في لهجات العرب ونسبة كل لفظ الى قبيلته.

ولكن القارئ قد يجد صعوبة في تعلمه، ذلك لترتيب الحروف غير العادي، بالإضافة الى كونه الكتاب الأول في المعاجم، وهكذا جاء بعده معاجم اشتهرت أكثر كمعجم لسان العرب لأبن منظور.

 


وفاته

 

اصدم رأسه بسارية عمود في مسجد البصرة، وهو شيخ كبير في السن فلم يستطع تحمل الاصطدام، وتوفي بعدها بعدة أيام.

ويقال إنه كان مستغرق في فكره وهو يمشي، محاولا وضع خطة لكتاب لم يكن مقدرا له أن يرى النور.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -